تصعيد انقلابي يستهدف مؤسسات التعليم ويكرس ثقافة الموت والكراهية

قناة اليمن| الشرق الاوسط

كثفت الميليشيات من انتهاكاتها ضد قطاع التعليم  فبعد إجراء 420 تعديلاً جديداً على المناهج الدراسية منذ مطلع العام الجاري، شرع الحوثيون حديثاً في التوسع بأنشطتهم التعبوية بمعظم المدارس الحكومية والأهلية في المناطق تحت قبضتهم، عبر إصدار تعميمات إلزامية بإقامة فعاليات ذات صبغة طائفية، وأخرى لتكريس خرافة أحقية زعيم الجماعة المدعومة من إيران في حكم اليمن.

وبينما أفادت مصادر تربوية يمنية لـ«الشرق الأوسط» بتصاعد تعسف الانقلابيين بحق مؤسسات التعليم ومنتسبيها في مدن سيطرتهم، تداول ناشطون وثيقة أصدرها مكتب التربية بمحافظة عمران (شمال صنعاء) إلى مكاتب التربية في المديريات، تجبرهم على تنظيم فعاليات مدرسية تروج ذكرى الانقلاب على الشرعية.

وأظهرت الوثيقة إجبار الحوثيين الكادر التعليمي وطلبة المدارس على المشاركة في مختلف الأنشطة وعبر الإذاعات وتنظيم فعاليات، تدعو لثقافة الموت والكراهية، وتحرض على ترك مقاعد الدراسة، والانخراط في الجبهات، في إطار الاحتفاء بما تسمى ذكرى النكبة الحوثية التي تصادف يوم 21 من سبتمبر (أيلول) من كل عام.

وحض التعميم الانقلابي إدارات المدارس والمعلمين والطلاب، على تشكيل لجان لغرض تنفيذ زيارات ميدانية لمقابر قتلى الجماعة التي تعج بها مختلف مديريات وقرى محافظة عمران.

وعدَّت المصادر ذلك التوجه في سياق انتهاج الميليشيات سياسة العبث والتدمير الممنهج بحق ما تبقى من المؤسسات التعليمية ومنتسبيها، في عموم المناطق تحت سيطرتها.

ومن جهة مواصلة عبث الجماعة الحوثية وتجريفها المنظم لمناهج التعليم، كشف نائب وزير التربية اليمني الدكتور علي بن علي العباب، أن التعديلات الطائفية التي أجرتها الميليشيات على مناهج الصفوف الأولى حتى الصف السادس للعام الحالي، بلغت 420 تعديلاً؛ خصوصاً في مواد «التربية الإسلامية، واللغة العربية، والتربية الوطنية، والاجتماعيات».

وأكد المسؤول في الحكومة اليمنية أن الميليشيات سعت إلى تسليط الضوء في تعديلاتها على الآيات التي تمجد الجهاد، كما أعادت تفسير آيات أخرى لتتماشى مع هويتها غير اليمنية.

وأشار العباب -في كلمة له بندوة توعوية أقيمت حديثاً في مأرب تحت عنوان: «ألغام سلالية في المناهج الدراسية»- إلى أن الجماعة استبدلت بفصول كاملة كانت تعكس تاريخ اليمن المتنوع والغني، فصولاً أخرى تركز على زعماء السلالة التي ينتمي إليها زعيمها، لافتاً إلى أن التغييرات الحوثية استهدفت في كتب المرحلة الابتدائية أربعة مناهج دراسية، وهي: اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والتربية المدنية، والتاريخ؛ إذ تضمنت التعديلات المدخلة على منهج التربية الوطنية دروساً تمجّد تاريخ الميليشيات منذ سيطرتها على صنعاء، والأحداث التي صاحبت تلك الفترة.

وأوضح أن الجماعة الانقلابية أزالت الدروس حول محمد محمود الزبيري، وعلي عبد المغني، الشخصيتين المحوريتين في ثورة 1962 في شمال اليمن، ووضعت دروساً تتحدث عن أجداد زعميها الحوثي. وفي الصف الثامن؛ حيث تكون السن 13-14 عاماً، قال المسؤول اليمني إن الميليشيات حذفت من المنهج الدراسي الجديد كل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر عام 1962، التي أسست الجمهورية، كما حذفت أيضاً دروساً حول دور الدولة والسلطات التنفيذية الثلاث ومفهوم الحكم الاستبدادي، أما في الصف التاسع، الخاص بسن 14-15 عاماً، فقد حُذفت جميع الدروس المتعلقة بالحياة المدنية والمجتمع المدني ومشاركة المرأة.

وأكد المسؤول الحكومي أهمية نشر الوعي والثقافة والتنوير بالمخاطر المحدقة التي تحيكها الميليشيات، بهدف سيطرتها الكاملة على اليمن والتمدد في الإقليم. وكانت الجماعة -ضمن استهدافها المتكرر للتعليم- قد فرضت على طلاب المدارس الحكومية والأهلية في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها، ترديد «الصرخة الخمينية» وسط تحذيرات حكومية من مخاطرها على الطلاب، وعلى النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي اليمني.

يأتي سلوك الانقلابيين متوازياً مع مواصلتهم منذ أسابيع إخضاع مديري المدارس ووكلائها في صنعاء العاصمة وريفها، على الحضور والمشاركة في تلقي دورات طائفية بمبرر إقامة ورش تدريبية.

في السياق نفسه، أدان المركز الأميركي للعدالة -وهو منظمة حقوقية يمنية- إجبار الجماعة طلاب المدارس على ترديد «الصرخة الخمينية» في طابور الصباح، وعده انحرافاً خطيراً في العملية التعليمية.

وذكر المركز في بيان له، أن فرض «الصرخة» على طلاب المدارس يندرج في إطار نهج الميليشيات لتحويل المدارس إلى منصات لنشر الطائفية والمذهبية، وغسل أدمغة الطلاب والناشئة، بمفاهيم وتعاليم مذهبية متطرفة.

وقال المركز إن هذه التوجيهات تعد تحريفاً لمهام وزراه التربية والتعليم، وانحرافاً خطيراً بالعملية التعليمية، واستخدامها لنشر ثقافة الكراهية والعداء للآخر، ونسفاً لثقافة التعايش والسلام، والسعي لاستقطاب الطلاب وصغار السن في مضاعفة الانقسام المجتمعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى