في لحظة حرجة من السباق الرئاسي الأميركي، تجد نائبة الرئيس كامالا هاريس نفسها في موقف يتطلب مناورة سياسية دقيقة للتخفيف من آثار تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس جو بايدن بحق أنصار المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حيث وصفهم بالـ”قمامة”. هذه الكلمات، التي أثارت ضجة واسعة، دفعت الجمهوريين للاستنفار واستغلال الفرصة لإبراز ما يرونه “ازدراءً” من بايدن لقطاع واسع من الشعب الأميركي، بينما سعت هاريس لتلطيف الأجواء في محاولة لاستعادة مسار حملتها الانتخابية، القائمة أساسًا على توحيد الأميركيين بعيدًا عن الاستقطاب المتزايد.
وفي هذا السياق، أكدت هاريس على موقفها الشخصي، مشيرة إلى أنها “ترفض بشدة انتقاد أي شخص بناءً على من يصوت له”، واصفة توجهها بأنه بعيد عن الانتقادات الشخصية، بل يسعى لإعادة الثقة بين القيادة والشعب. وضمن زياراتها المستمرة، تجولت هاريس في عدة ولايات محورية، شملت كارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وويسكونسن، حيث ركزت على رسالتها التي تدعو لإعادة اللحمة الوطنية. وفي كلمة قوية ألقتها أمام أنصارها في ماديسون بولاية ويسكونسن، صرحت هاريس: “الناس يشعرون بالإرهاق ويرغبون في وقف تبادل الاتهامات. حان الوقت للتكاتف كشعب ينهض ويسقط معاً”، مؤكدة أن التفرقة ليست السبيل لتحقيق أهداف أميركا.
بالرغم من الانتقادات، فإن نائبة الرئيس والمدعية العامة السابقة لم تتراجع عن موقفها، بل مضت قدمًا في خطبها الرنانة التي تحث فيها على تجاوز الحقبة السابقة، حيث قادت الحشود في هتافات “لن نعود إلى الوراء!”، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة حاسمة لكل من يبحث عن بديل لقيم الوحدة الوطنية في مواجهة الانقسامات المتزايدة. كما أشارت في إحدى خطبها إلى أن “التكاتف هو السبيل الوحيد لبناء مستقبل أميركا”، مؤكدةً أن الشعب بحاجة إلى زعيم ينظر في كيفية تحسين حياتهم، في إشارة ضمنية إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على ترامب، الذي وصفته بأنه “مهووس بالانتقام واستنزفه الشعور بالظلم”.
بالتزامن مع زياراتها للولايات السبع المحورية التي تتأرجح فيها نسب التأييد بين المرشحين، يتضح أن هاريس تخوض معركة شاقة لإقناع الناخبين المترددين، ولاسيما أن السباق الحالي يعدّ من أكثر الانتخابات تنافسًا في التاريخ الأميركي الحديث، بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى تقارب واضح في نسب التأييد لكلا الحزبين. واستمر تركيز هاريس في حملاتها على تجاوز الانقسامات، وذلك في خطاب يهدف لتوحيد الشعب واستقطاب الفئات المترددة بين الحزبين.
ومع دخول الانتخابات في مرحلتها النهائية، يتزايد الضغط على حملة هاريس و بايدن لاستقطاب آخر المترددين، وسط تزايد القلق من تأثير الاستقطاب العميق على سير الانتخابات وسلاسة الانتقال الديمقراطي.