ضحايا الألغام في اليمن: مأساة إنسانية مستمرة تهدد حياة الملايين

قناة اليمن | متابعات

يواجه ضحايا الألغام في مختلف مناطق اليمن واقعًا مأساويًا يزداد قسوة مع مرور الوقت، حيث تواصل الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في المزارع والطرقات والأماكن العامة تهديد حياة ملايين المواطنين. هذه الألغام، التي تم زرعها بصورة عشوائية ودون أي اعتبار لحياة البشر أو البيئة، باتت تشكل خطرًا مستمرًا على كل من يخطو خطوة في تلك المناطق.

الضحايا الذين سقطوا جراء هذه الألغام أصبحوا رموزًا مأساوية للألم والحزن، حيث أن تلك الألغام لا تفرق بين صغير أو كبير، بين رجل أو امرأة. ولا يزال الخطر قائماً، إذ أن تلك الألغام المدفونة في باطن الأرض تشكل تهديدًا دائمًا لحياة اليمنيين. ورغم كل هذه المآسي، فإن تجاهل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لا يزال سيد الموقف والكارثة الإنسانية مستمرة. إذ وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات مقتل أكثر من 2300 مدني، إضافة إلى إصابة أكثر من 4100 آخرين بينهم العديد من النساء والأطفال، وذلك خلال الفترة من يناير 2017 وحتى نهاية يناير من العام الجاري. هذه الأرقام، التي تتزايد يومًا بعد يوم، ليست مجرد إحصائيات جافة أو أرقام على الورق، بل هي قصص حقيقية مليئة بالألم والمعاناة التي يعيشها اليمنيون في كل لحظة. كما أن الألغام الحوثية لا تهدد فقط الأرواح، بل أيضاً تعيق عملية التنمية في المناطق المتضررة، وتزيد من تعقيد الحياة اليومية للمواطنين الذين يعانون من الفقر والدمار.

جلسة استماع

وفي إطار جهودها لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن زراعة الألغام المضادة للأفراد التي زرعتها مليشيا الحوثي الإرهابية، عقدت اللجنة الوطنية للتحقيق، يوم السبت، جلسة استماع خاصة لعرض شهادات حية من ضحايا الألغام وعدد من الخبراء والمختصين.

وفي افتتاح الجلسة، أكدت القاضية إشراق المقطري، عضو اللجنة، حرص اللجنة على تنويع آليات التحقيق والتوثيق، بما يشمل المقابلات المباشرة مع الضحايا، والاستماع لتجاربهم وتدوين مطالبهم الحقوقية، بالنظر إلى ما تعرضوا له من أضرار جسدية ونفسية ومعيشية ومادية، وانعكاس ذلك على تمتعهم بحقوقهم الأساسية.

تدمير المستقبل

تقول عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إشراق المقطري، إن مسألة التعاطي والتعامل والمتابعة لقضية ضحايا الألغام ليست فقط في المناسبات الدولية، وليست عن طريق عمليات الرصد والتوثيق التي يقوم بها الباحثون بالنزول والمقابلات.

وأضافت: “منذ بداية العام الجاري 2025، قمنا بزيارة عدة مناطق من بينها، قبل يومين، مناطق الأعبوس والأثاور والأحكوم في مديرية حيفان بمحافظة تعز، وكان أكثر تركيزنا على ضحايا الألغام، حيث أذهلنا من ذلك العدد الكبير من المبتورين.”

وتابعت: “قبل ثلاثة أيام عندما كنا في منطقة الأحكوم، وجدنا قرية بالكامل تسمى قرية الأكبوش، لاحظنا السياج المحاط بها من الألغام، الأمر الذي أدى إلى هجرة الأهالي لأنهم لا يستطيعون البقاء، وهي ملغمة.”

وأردفت: “كافة المزارع في القرية ملغمة بسياج من الألغام الفردية، وهذا الأمر يوضح حقيقة الجريمة التي اتبعت بطرق خارج نطاق القانون”.

ألغام في غرف النوم

وقالت: “الألغام تم زرعها حتى في مناطق بعيدة عن الجبهات العسكرية تمامًا. فبالأمس من الضحايا الذين تواجدوا، حضرت شقيقتان، نزحت الأسرة إلى مناطق أخرى ورغبوا بالعودة إلى منزلهم، وعندما جاءت المرأة ستدخل هي وشقيقتها إلى منزلهن، انفجر بهن اللغم، وبتر عليها طرف”.

وأضافت: “ما نأمله هو النظر فقط لهذه الجزئية ولهذا الانتهاك من ضمن انتهاكات الحرب، لأنه الانتهاك المهول من حيث الأعداد والنتيجة والأثر، لكن حتى هذه اللحظة، صحيح أن هناك ملفات قانونية وجاهزة، وتم إرسال جزء منها إلى القضاء، وجرائم أصبحت مشهودة، ومنهجية حدثت في مناطق في أرحب وفي مأرب والجوف وتعز والحديدة والبيضاء وشبوة ولحج والضالع، ولكن الحكومة الشرعية لم تستثمرها”.

متابعة ورصد

التقرير الذي أعدته الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، هو نتيجة لرصد وتوثيق استمر لمدة خمسة أعوام من يناير 2017، وحتى نهاية يناير من العام الجاري 2025.

يقول رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، محمد العمدة: “نحن اعتمدنا على الفريق الراصد المتواجد في جميع المحافظات اليمنية والمنتشر في كافة المديريات، حيث هناك أكثر من 85 شخصًا من الحقوقيين والقانونيين، وكذلك المحامين والمتعاونين مع الشبكة والميسرين”.

وتابع: “خلال هذه الفترة، الشبكة استقبلت أكثر من 25 ألف بلاغ في هذا الجانب، فيما يخص زراعة الألغام التي قامت بزراعتها مليشيا الحوثي في العديد من المحافظات اليمنية، وحاولنا التدقيق في كل البلاغات والشكاوى التي وصلتنا وأن نستخرج منها، ما هو صحيح وما استطعنا الوصول إليه والتأكد من البيانات والمعلومات بشأنه”.

أرقام مرعبة

تشكل الأرقام الموثقة من الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حول ضحايا الألغام في اليمن صدمة إنسانية حقيقية تعكس فداحة الجريمة التي لا تُغتفر. فقد تجاوز عدد القتلى 2300 مدني، بينما أصيب أكثر من 4100 آخرين، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال. من منظور قانوني، تشكل هذه الأفعال انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحرّم زرع الألغام في المناطق السكنية والطرقات العامة ويُعدّها من الجرائم الإرهابية ضد الإنسانية.

مليون لغم

وفي وقت سابق أكدت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) أن الألغام الأرضية والمخلفات الحربية المتفجرة التي زرعتها مليشيا الحوثي لا تزال تشكل تهديداً خطيراً لحياة السكان في محافظة الحديدة، مشيرة إلى مقتل وإصابة 93 مدنياً خلال عام 2024 فقط نتيجة لهذه الألغام.

جاء ذلك في بيان للبعثة بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، حيث دعت إلى تكثيف الجهود لإزالة الألغام، معتبرة أن كل لغم يُزال يمثل خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقاً وأماناً.

وأشارت البعثة إلى أن الحديدة تُعد من أكثر المناطق تلوثاً بالألغام، في ظل تقارير حقوقية تؤكد تورط مليشيا الحوثي كطرف وحيد في زرع أكثر من مليوني لغم في اليمن، ما يجعل البلاد من بين أكثر الدول تضرراً على مستوى العالم، وفقاً لتقارير أممية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى