كرة القدم في هونغ كونغ: من الاحتراف إلى التهميش

قناة اليمن | بكين

دخلت هونغ كونغ عالم الاحتراف الكروي عام 1968، في خطوة بدت واعدة حينها، خصوصاً مع انتقال اللاعب تشونغ شي دوي إلى فريق غاردن مقابل 2500 دولار هونغ كونغي، وهو مبلغ اعتُبر فلكياً مقارنة بمتوسط الرواتب آنذاك. لكن هذا الطموح لم يصمد طويلاً أمام سلسلة من الضربات الاقتصادية والتنظيمية التي عصفت باللعبة محلياً.

في نهاية التسعينات، بدأت كرة القدم في هونغ كونغ تفقد بريقها تدريجياً، بعد أن قررت الحكومة حظر رعاية شركات التبغ للبطولات والأندية، ما أدى إلى انهيار أحد أهم مصادر التمويل. لاحقاً، جاء قرار إيقاف كأس فايسروي عام 2007 ليُخرج شركة “كارلسبيرغ” من مشهد الرعايات، ويعمّق الأزمة المالية التي يعيشها الاتحاد المحلي.

الرواتب المتدنية للاعبين، والتي لا تتجاوز غالباً بضعة آلاف من الدولارات شهرياً، جعلت كرة القدم مهنة غير مرغوبة، حتى أن أفضل اللاعبين لا يتقاضون أكثر من 20 ألف دولار هونغ كونغي، مقارنة بمتوسط رواتب الموظفين البالغ 36 ألفاً. هذا التفاوت دفع كثيراً من الشباب والعائلات إلى اعتبار اللعبة “مهنة مكروهة”، كما وصفها أحد المدربين.

المدونة الساخرة “ماذا لو ولد ميسي في هونغ كونغ؟” تلخص المأساة، إذ تتخيل النجم الأرجنتيني وهو يقضي عيد ميلاده التاسع عشر في لعب الألعاب الإلكترونية بدلاً من تمثيل بلاده في كأس العالم.

ومع تدهور الوضع الاقتصادي، شرّعت الحكومة المراهنات على كرة القدم عام 2003، لكنها اشترطت أن تكون خارج نطاق الدوري المحلي. هذا القرار دفع القنوات التلفزيونية إلى بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، ما زاد من عزلة الدوري المحلي وأضعف شعبيته.

التلاعب بنتائج المباريات أصبح مشهداً مألوفاً، كما حدث في قضية نادي هابي فالي عام 2015، أو في مباراة توين مون بروغول التي استقبلت شباكه أربعة أهداف في عشر دقائق، وسط صرخات قائد الفريق: “كم هدفاً تريدونني أن أستقبل؟”.

حتى الفرق التاريخية لم تسلم، إذ رفض فريق إيسترن الصعود إلى الدرجة الأولى رغم فوزه بالبطولة، مفضلاً البقاء في الدرجة الثالثة لأسباب مالية.

المدرب الراحل لاي سون تشونغ اختصر المشهد عند استقالته: “في هذه المدينة، كرة القدم لم تعد تحصل على الاحترام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى